الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال: في العسر واليسر.وأخرج ابن المذر، عن زيد ابن أسلم، قال: فتيانًا وكهولًا.وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، عن عكرمة، قال: شبابًا وشيوخًا.وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال: قالوا: إن فينا الثقيل، وذا الحاجة، والضيعة، والشغل فأنزل الله: {انفروا خِفَافًا وَثِقَالًا} وأبى أن يعذرهم دون أن ينفروا خفافًا وثقالًا، وعلى ما كان منهم.وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال: جاء رجل زعموا أنه المقداد، وكان عظيمًا سمينًا، فشكا إليه وسأله أن يأذن له فأبى، فنزلت: {انفروا خِفَافًا وَثِقَالًا} فلما نزلت هذه الآية اشتدّ على الناس شأنها فنسخها الله، فقال: {لَّيْسَ عَلَى الضعفاء وَلاَ على المرضى} [التوبة: 91] الآية.وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: ألا تغزو بني الأصفر لعلك أن تصيب ابنة عظيم الروم؟ فقال رجلان: قد علمت يا رسول الله، أن النساء فتنة فلا تفتنا بهنّ فأذن لنا، فأذن لهما، فلما انطلقنا قال أحدهما: إن هو إلا شحمة لأوّل آكل، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل عليه شيء في ذلك، فلما كان ببعض الطريق نزل عليه وهو على بعض المناة {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ} ونزل عليه: {عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} ونزل عليه: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر} [التوبة: 45] ونزل عليه: {إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [التوبة: 95].وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} قال: غنيمة قريبة، {ولكن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشقة} قال: المسير.وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، عن قتادة، في قوله: {والله يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لكاذبون} قال: لقد كانوا يستطيعون الخروج ولكن كان تبطئة من عند أنفسهم، وزهادة في الجهاد. اهـ.
ف تُؤْخَذ بدلٌ مِنْ تبايع بدلُ اشتمالٍ بالمعنى المذكور، وليس أحدهما نوعًا من الآخر. ثم قال الشيخ: وأمَّا كونُه حالًا من قوله: {لخرجنا} [فالذي يظهرُ أن ذلك لا يجوز لأنَّ قوله: {لخَرَجْنا}] فيه ضمير المتكلم، فالذي يجري عليه إنما يكون بضمير المتكلم، فلو كان حالً من فاعل {لخَرَجنا} لكان التركيبُ: نُهْلك أنفسنا أي مهلكي أنفسنا. وأمَّا قياسُه ذلك على حَلَفَ زيد ليفعلن ولأفعلنَّ فليس بصحيحٍ؛ لأنَّه إذا أَجْراه على ضمير الغيبة لا يَخْرُجُ منه إلى ضمير المتكلم، لو قلت: حَلَفَ زيد ليفعلن وأنا قائم على أن يكون وأنا قائم حالًا من ضمير ليفعلن لم يجز، وكذا عكسُه نحو: حَلَفَ زيدٌ لأفعلن يقوم تريد: قائمًا لم يجز. وأمَّا قولُه: وجاء به على لفظِ الغائب لأنه مُخْبَرٌ عنهم فمغالطة، ليس مخبرًا عنهم بقوله: {لَوِ استطعنا لَخَرَجْنَا}، بل هو حاكٍ لفظَ قولِهم. ثم قال: ألا ترى لو قيل: لو استطاعوا لخرجوا لكان سديدًا إلى آخره كلامٌ صحيحٌ لكنه تعالى لم يقل ذلك إخبارًا عنهم، بل حكايةُ، والحالُ من جملةِ كلامِهم المحكيّ، فلا يجوزُ أن يخالفَ بين ذي الحال وحالِه لاشتراكهما في العامل. لو قلت: قال زيد خرجت يضرب خالدًا تريد: اضرب خالدًا، لم يجز. ولو قلت: قالت هند: خرج زيد اضربْ خالدًا تريد: خرج زيد ضاربًا خالدًا لم يجز. انتهى.الرابع: أنها جملةٌ استئنافيةٌ أخبر الله عنهم بذلك. اهـ.
وقوله تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} أَي غير شاقٍّ.وقوله تعالى: {وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ}، قال مجاهد: من تحت أَقدامهم.وقوله تعالى: {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ}، قال مجاهد: من تحت أَقدامهم أَي من المحشر، لا يبعد نداؤُه عن أَحد.وتقول: بينى وبينه قُرْب، وقَرابة، ومَقْرُبة، ومَقْرِبة، وقُرْبة- بالضمّ- وقُرُبة- بضمّتين- وقُرْبى، قال تعالى: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، أَي إِلاَّ أَن توَدُّونى في قرابتى، أَي في قرابتى منكم.ويستعمل القرب في (المكان، والزمان)، والنسبة، والحُظْوة.والرعاية، والقدرة.فمن الأَوّل قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشَّجَرَةَ} وقوله: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} كناية عن الجماع.وفى الزَّمان نحو قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}.وفى النَّسبة قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}.وفى الحُظْوة: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}، ويقال للحُظْوة القربة: {أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ}.والرّعاية نحو قوله: {فَإِنِّي قَرِيبٌ}.وفى القدرة قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ} يحتمل أَن يكون من حيث القدرة.والقُرْبان: ما يتقرّب به إِلى الله؛ وصار في التعارف اسما للنسيكة التي هي الذبيحة.وقوله تعالى: {فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةَ} من قولهم: قُرْبان المَلِك لمن يتقرّب بِخِدْمته إِلى الملِك، ويستعمل ذلك للواحد والجمع.وقرابين الملك: جُلَساؤهُ وخواصّه، تقول: فلان من قُرْبَان الملِك، ومن بُعْدانه؛ ولكونه في هذا الموضع جمعًا قال تعالى: {آلهة}.والتقرُّب: التحرّى لما يقتضى حُظوة.وقُرْب الله تعالى من العبد: هو الإِفضال عليه والفيض (لا بالمكان وقرب العبد من الله في الحقيقة): التخصّص بكثير من الصّفات التي يصحّ أَن يوصف الله بها، وإِن لم يكن وصف الإِنسان به على الحدّ الذي يوصف به الله تعالى، نحو الحِكمة والعلم والرّحمة، وذلك يكون بإِزالة الأَوساخ: من الجهل والطيش والغضب والحاجات البدنيّة، بقدر طاقة البشر، وذلك قرب رُوحانَّى لا بدني.وعلى هذا القرب نبّه صلَّى الله عليه وسلَّم فيما ذكر الله تعالى: «من تقرّب مني شِبْرًا تقرَّبْتُ منه ذراعًا» وقوله عن الله عزَّ وجلّ أَيضًا: «ما تقرَّب إِلي عبدى بمثل أَداء ما افترضته ولا يزال العبد يتقرّب إِلي بالنَّوافِل حتىَّ أُحبّه» الحديث.وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} هو أَبلغ من النَّهى عن الزنى، لأَنَّ النَّهى عن قربه أَبلغ من النَّهى عن إِتيانه، وكذا قوله:تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ} أَبلغ من النَّهى عن تناوله، وكذا قوله: {وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشَّجَرَةَ} أَبلغ من ولا تأْكلا من ثمرها.وقيل في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} أَي مجيب.وقوله: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}، أَي إِلى ثلاثة أَيَّام.وقوله: {لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَدًا} أَي لأَصْوب.وقوله: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً} أَي أَلينهم.وقوله: {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} قيل: من صخرة بيت المقدس، وهو أَقرب أَماكن الأَرض إِلى السماءِ.وقوله: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ}، أَي عند هول المُطَّلَع.{لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}، أَي لا تدخلوها ولا تشرعوا فيها.و{إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا}، أَي كائنًا واقعًا.وقوله تعالى: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ} أَي جارًا لها. اهـ.
|